كتاب 11

07:38 مساءً EET

ماء أسود!!

“بلاك ووتر” أو “الماء الأسود” اذا جاز لنا ترجمتها إلى العربية.. شركة خدمات أمنية وعسكرية.. وهى واحدة من أبرز الشركات العسكرية الخاصة فى الولايات المتحدة.. قبل أن تندهش, هى شركات تؤسس وفقا للقانون الأمريكى.. أى أنها شركة قانونية علنية مسموح بنشاطها.. داخل الولايات المتحدة وخارجها.. “وخد بالك من كلمة خارجها دى كويس”!!

تقدم الشركة خدماتها للحكومات والأفراد.. خدماتها متنوعة: تدريب, عمليات خاصة, وغيره مما يمكن أن تقدمه شركة من هذا النوع.. متوسط دخل العاملين فى هذه الشركة بين 300 و 600 دولار فى اليوم الواحد.. تمتلك أكبر موقع خاص للرماية فى الولايات المتحدة يمتد على مساحة 24 كيلو متر مربع, فى ولاية نورث كارولاينا!!

ظهرت على سطح الأحداث فى المنطقة العربية, أول قصة عن تلك الشركة أواخر سنة 2004.. فى بغداد ظهرت جثتان متفحمتان لاثنين من العاملين بهذه الشركة.. قامت عائلتاهما برفع دعوى قضائية ضد الشركة.. متهمين إياها بالاستهانة بحياة العاملين بها.. وعدم تأمينهم بالشكل الكاف.. وفى سنة 2005 قتل 6 عملاء آخرون فى تحطم مروحيتهم.. وفى بداية 2007 قتل خمسة آخرون.. وبدأ الحديث الذى لم ينته, عن “بلاك ووتر”.. وهل مازالت تمارس أعمالا ما فى العراق؟.. هل تشعب عملها خارج حدود العراق؟.. السؤال الأهم: هل “بلاك ووتر” موجودة فى مصر؟!!.. لا تبحث عن إجابات واضحة قاطعة.. ففى مصر الآن كل شىء ممكن.. كل شىء موجود.. وعليك مواجهته بثبات!!

رئيس شركة “بلاك ووتر”، “جارى جاكسون” هو ضابط سابق فى البحرية الأمريكية.. أما مؤسسها “إريك برنس” فهو ملياردير أمريكى تصفه بعض وسائل الإعلام الغربية بأنه “مسيحى متطرف”.. شغل أحد المستشارين القانونين لرئيس الأمريكى “ريجان” منصبا هاما فى هذه الشركة.. وفى حوار صحفى لإحدى الصحف الأمريكية أورد “جارى جاكسون” إن الشركة توقع عقودا لتقديم خدمات مع حكومات أجنبية.. منها حكومات دول مسلمة ودول فى الشرق الأوسط.. هؤلاء هم المرتزقة الذين هبطوا منطقة الشرق الأوسط ولم يرحلوا.. لفظ مرتزقة قالته عنهم صحيفة “واشنطن بوست” عام 2004.. فى معرض تعليقها على تصريحات حكومية “أن الحكومة استأجرت آلاف من المتعاقدين العسكريين لحماية ضباطها وموظفيها فى العراق”.. قالت الصحيفة: “وصف الحكومة لهؤلاء بأنهم متعاقدين عسكريين, هو وصف غير دقيق لأن وصفهم الصحيح هو جنود مرتزقة”!!

المرتزق هو كل شخص يقوم بأى عمل بمقابل مادى أو غير مادى.. بغض النظر عن نوعية العمل أو الهدف منه.. المرتزقة عرفهم التاريخ منذ القدم.. استخدمتهم بلاد فارس واليونان وروما فى حروبها.. وجرى استخدامهم استخداما واسعا.. خلال الفترة من القرن الثانى عشر حتى القرن السادس عشر الميلاديين.. بل إن بعض الحكام حينها استخدموا جنودا محترفين مدربين لحماية دولهم.. كما غيرهم من الحكام ربحوا أموالا طائلة بتأجير جيوشهم لدول أخرى لاستخدامهم فى حروبها.. المرتزقة لا دين لهم ولا عقيدة ولا هدف.. ينفذون ما يطلب منهم بمقابل!!

بريطانيا استأجرت أثناء الثورة الأمريكية (1775 – 1783) جنودا ألمانيين لمحاربة السكان الأمريكيين.. بينما حارب قادة عسكريون من بولندا وبروسيا فى صفوف السكان الأمريكيين.. وهم أيضا مرتزقة.. وفى أحيان كثيرة كان المرتزقة ينقلبون على من استأجرهم طمعا فى الحكم!!

وفى أوقات الثورات الشعبية التى لا قائد لها.. وتحول شكل الحروب إلى حد كبير.. من حروب عسكرية بالدرجة الأولى.. إلى حروب مخابراتية سياسية.. يجعل شكل المرتزقة مختلفا عما عهدنا فى عصور سابقة.. فالمرتزق فى وقت الثورات لا يحمل سلاحا.. يحمل لسانا يتكلم به فيغير بوصلة الأحداث.. ويشكل اتجاه الرأى العام.. وغالبا ما ينجح هؤلاء لسنوات طويلة فى ارتداء ثوب الثائر أو المناضل.. حتى تكتشفهم الشعوب.. لكن المذهل أن هناك شعوبا لا يستدعى منها الأمر إلا سنوات قليلة.. قادرة على الفرز السريع رغم صعوبة أوقات الثورات.. كالشعب المصرى مثلا.. وهنا يكون التكتيك عودة إلى المنهج القديم.. استخدام مقاتلين مرتزقة لردع وتخويف تلك الشعوب.. أيا كانت جنسية أولئك المرتزقة.. ليس بالضرورة أن تكون شركة قانونية شهيرة مثل “بلاك ووتر”!!

التعليقات