كتاب 11

08:00 صباحًا EET

الخليج العربي… معادلة صعبة

في وقت قياسي يتغير كل شيء في الملف السوري. وبكل بساطة يتحول الأمر إلى تدمير السلاح الكيماوي الذي لا يهدد إسرائيل بدلاً من انتقال السلطة والحكم وتخلي الأسد عنه، وجنيف 2 على الأبواب وبشار يعلن عن إصرار الاستمرار في الحكم، وأنه لا تنازل عن ذلك، والمعارضة ترفض وتصر على انتقال الحكم، ولا نعرف ما إذا كانت مفاجأة جديدة تطرق الأبواب!

بوضوح يقول دبلوماسي أوروبي إنه لا تخليَّ عن السلطة في سوريا إلا بموافقة روسية ــ إيرانية، وبكل بساطة ماذا تحصل عليه إيران وروسيا مقابل تنازلهما لنقل السلطة. وبعض دول الخليج جزء من معادلة الصراع، والسؤال: هل تملك الأوراق الضاغطة لتصحيح المسار، أم أنها ستخسر الحرب الدائرة في سوريا؟ والأرجح أن إيران لن تتنازل عن مكتسباتها بسهولة، فهي لاعب دولي مؤثر في الشرق الأوسط، وقد حققت الكثير عبر أدواتها. هل ستخرج بخفي حنين؟ المراقب للمشهد يرى أن إيران حققت مكاسب في سياساتها وربما استطاعت تحويل الصراع لصالحها بمباركة روسية ــ أميركية، فكيف يتسنى للأطراف الأخرى أن تعلب بما في أيديها من أوراق ضاغطة.

دول الخليج العربي منقسمة في الملف السوري ويبدو أن مصر الجديدة لديها تصوراتها الخاصة، وليس بالضرورة أن تدفع نحو التغيير المفاجئ في الملف السوري، فهي لديها القلق من استيلاء القوى الراديكالية الدينية على السلطة أو حتى تحويل سوريا إلى مستنقع للراديكالية الدينية كما هو حادث في العراق. وحتى منطقة الخليج ليس من صالحها تثبيت الراديكالية الدينية بالقرب من حدودها.

بعض دول مجلس التعاون تميل إلى تخفيف حدة المواجهة مع إيران مما يجعل طهران تمضي في سياساتها لكي تحظى بقبول دولي باعتبارها لاعباً أساسياً في الإقليم الخليجي كما كان الحال إبان حكم الشاة. وعلى رغم كل التطمينات الأميركية إلا أن الشرخ في العلاقة مع بعض الدول الخليجية لا يمكن إخفاؤه، ومن ثم يبقى السؤال المطروح هو: هل هذه الدول مستعدة لتفهم المطالب الروسية التي لا علاقة لها بوجود الأسد، ومن ثم ترتيب نقل الحكم إلى سلطة جديدة تعمل على إعادة استقرار سوريا؟ الملف معقد والشعب السوري يدفع الثمن وعلينا ألا نستهين بالملايين من اللاجئين السوريين الذين خسروا كل شيء وليس أمامهم ما يخسرون، مما يعني اننا أمام قنابل موقوتة تنفجر بالريموت كنترول قد تهدد استقرار الإقليم الخليجي والعربي.

إن التقارب الأميركي ــ الروسي جاء وفق مصالح خاصة، ومن ثم تصبح كل الأوراق مطروحة على طاولة البحث وخصوصاً ما يتعلق بالمصالح الروسية، وما إذا كانت الدول الخليجية مستعدة لتفهم المطالب الروسية. فروسيا قلقة من تنامي المد الراديكالي ذي الصبغة الدينية، حيث لديها من المخزون ما يكفي، ومن ثم نرى أن تطمين روسيا والعمل وفق رؤية عملية تحقق مصالح الأطراف المتصارعة هو الخيار الأنسب أمامنا.

البعض يرى أن المهادنة مع إيران تشكل مرحلة انتقالية وقد يكون ذلك صحيحاً، إلا أن المراهنة تبقى في دائرة المغامرة. وبعض دول الخليج العربي ما زالت تعيش في سياساتها المنسجمة، ولكن لابد أن تعي خطورة تطور وتشابك بعض المتغيرات الدولية، وإذا ما أغفلت ذلك فقد تواجه المنطقة تحديات لا تزال الاستجابات الممكنة حيالها في دائرة المجهول، حتى الآن.

التعليقات