كتاب 11

02:51 مساءً EET

محاولة للبحث عن الحقيقة

انتشرت فى الاربعين عاما الماضية ظاهرة استخدام الدين لتحقيق مصالح شخصية ومنافع مادية والتأثير على البسطاء والجهلاء باستخدام الدين لتحقيق مكاسب سياسية وهذا مايطلق عليه التجارة بالدين نظرا لسهولة استخدام هذه الطريقة لتحقيق الاهداف الشيطانية التى تهدف اليها الجماعات التى تستخدم هذا الاسلوب . وقد سيطرت هذه الجماعات على عقول البعض وجعلتهم مغيبين تماما لدرجة انهم ينفذون تعليمات قياداتهم دون اى تفكير فى ما يفعلون ومحاولة مطابقة افعالهم مع ماورد فى صحيح الدين ، ونجد منهم من يقوم بتنفيذ عمليات انتحارية يتم قتل ابرياء خلالها بعد ان تم اقناع الانتحارى بأنه ينفذ عملا من اجل رفعة الدين وانه ذاهب الى الجنة نتيجة تنفيذه لهذه الاعمال ، وهذا يدل انهم يستخدمون شبابا ليس لديه الحد الادنى من الفهم الصحيح للدين . ومن الغريب ان هذه الجماعات نصبت من نفسها حامى حمى الاسلام رغم ان الله تعالى هو المتعهد بحفظ الدين وليس البشر

 كما ان كل جماعة منهم تتحدث عن فهمها للاسلام وكأنها حقيقة مسلم بها ومن يخالفهم الرأى وجب قتاله ومحاربته ، رغم ان المسلم عليه ان يوضح الامور للآخر وليس عليه اجبار احد على الاقتناع بما يقوله أو قتاله اذا لم يسلم بما يعتقده ، كما يجب ترك الحكم على التزام الشخص بالاسلام من عدمه لرب العالمين لانه عليم بما فى باطن كل انسان ، بالاضافة الى انه ليس من حق اى انسان اى يصدر حكما على انسان آخر فى امر يتعلق بالعقيدة لان ذلك ليس من اختصاص البشر . وقد رأينا بعض الجماعات تتعامل مع الآخرين وكأن الاسلام سيضيع اذا لم يحكموا رغم ان الناس عرفت الاسلام قبل ان ترى هذه الوجوه التى تتآمر على المجتمع وتتحالف مع اعداء الوطن من اجل التمكين من الحكم وتتاجر بالدين للوصول لاغراضها واطماعها الدنيوية ، بل انه للاسف الشديد ونتيجة تصرفات هذه الجماعات التى لاتمت للاسلام بصلة ازدادت نسبة الملحدين فى مجتمعنا لانهم اعتبروا ان تصرفات هذه الجماعات تمثل الاسلام وبالتالى حدث ما حدث .

ومن الاساليب التى انتهجتها هذه الجماعة الضالة المسماه بالاخوان المسلمين وفى حقيقتها هى خوان المسلمين انها رفعت شعار الاسلام هو الحل لكى يضحكوا به على من ليس لديه استعداد ان يستخدم عقله فى محاولة فهم الامور ، وذلك لأن الاسلام دين يحتوى على قيم سامية يجب التحلى بها عند تعاملنا مع الامور ولكن مواجهة مشاكل المجتمع ووضع حلول لها تكون بالاخذ بالاسباب عن طريق دراسة اسباب المشكلة وكيفية مواجهتها من خلال المختصين فى الموضوع الذى يتم بحثه ووضع حلول تناسب امكانيات المجتمع الذى يتم دراسة المشكلة به ، اى اننا يجب استخدام العقل الذى منحنا الله اياه من خلال العلوم الدنيوية التى ابتكرها الانسان لمواجهة اموره الحياتية . فالسماء لاتمطر ذهبا ولا فضة ، ولا شئ يتم الوصول اليه الا بالجهد والعمل والعلم والادارة السليمة لمقدرات المجتمع ، والواقع الذى نعيشه يؤكد ذلك ، حيث ازدهرت بلدان كثيرة مثل اليابان والصين وغيرهم دون ان يستخدموا اى شعارات دينية بل ان بعض البلدان لاتؤمن بدين سماوى اصلا والبعض ينكر الاديان واعتقد ان الهند التى تعتبر البلد رقم واحد فى البرمجيات يعبد اغلب شعبها البقر وغيرها من الديانات الكثيرة الغير سماوية ، فلماذا لايفكر المسلمون كيف وصل هؤلاء لهذه المرتبة وتقدموا علينا واصبحوا يصدروا علماؤهم وعلمهم للدنيا كلها دون ان يرفعوا اى شعار دينى . الموضوع ببساطة ان الله عادل مع البشر ، فمن يأخذ بالاسباب ويفكر فى مواجهة امور الحياة بجدية يجد النتيجة جيدة ، ومن يتكاسل ولا يتعامل مع الامور الدنيوية بمنطق الأخذ بالاسباب فيكون حاله مثل ما نرى فى مجتمعنا ، فالعبرة بالعمل الذى يشمل التخطيط والبحث ودراسة الامور جيدا والتنفيذ ذو الجودة العالية ، وليس مجرد الكلام عن الدين والجنة والنار وتكفير المجتمع ، والغريب ان من يتحدثون عن الدين كثيرا ويكفرون المجتمع لاتجد عملا نافعا يقومون به للصالح العام فهم دائما لايعملون الا من اجل جماعتهم فقط ولو على حساب المجتمع . ولو رجعنا لصحيح الدين لادركنا ان الدين يهدف الى تحقيق المصلحة العامة للمجتمع ولكن على البشر ان يقوموا بما عليهم لاعلاء المصلحة العامة وان الاسلام لايوجد به مذاهب أو فرق أو جماعات ولكن يجب ان يكون الجميع على قلب رجل واحد والبعد عن الاطماع . وحتى المذاهب التى يتمسك بها البعض ويصل بها لدرجة القداسة حتى ان البعض يرفض حتى المناقشة فيها ، رغم ان هذه المذاهب تعتبر اجتهادا فى الازمنة التى ظهرت بها وهؤلاء الذين وضعوا هذه المذاهب يشكروا على اجتهادهم فى عصورهم فهم استخدموا عقولهم طبقا للمعطيات المتواجدة فى عصورهم ولكن لم يكن من الصواب مطلقا ان نتوقف عن الاجتهاد ونقول الآن قفل باب الاجتهاد ونسير على هدى هذه المذاهب ، لأن الاجتهاد يجب ان يستمر الى يوم القيامة نظرا للمتغيرات التى تظهر فى كل عصر ولا سيما فى عصرنا الذى تتسارع فيه التغيرات مما يستوجب ان نعمل عقولنا بصفة مستمرة ولا نتواكل ونعتمد على ما وصل اليه اصحاب المذاهب ونجلس دون تفكير حتى وصلنا لما نحن فيه الآن ، ولعلنا نستمع كثيرا كلما سأل شخص احد الدارسين لعلوم الدين بالأزهر عن قضية معينة ، فنجده يجيب لقد اجمع العلماء على كذا وكذا ، رغم انه لايوجد ما يسمى بالاجماع ، ثم ان الشخص قد يكون يسأل عن قضية مستحدثة فى امور لم تكن موجودة فى الماضى فلماذا لايفكر فى حل المشكلة بدلا من ان يقتصر الأمر على ارآء اصحاب المذاهب وكأن كلامهم مقدس .

والعجيب ان البعض احيانا يصدر احكاما على قضايا معينة ليست موجودة فى القرآن ويعلموها للناس فى المساجد خصوصا فى خطب الجمعة لدرجة ان الناس تعتقد ان هذه الاحكام فى الدين وهى ليست كذلك ، ومع تكرارها يتعامل الناس على انها حقيقة ومن ثوابت الدين ، والأخطر من ذلك ان البعض اذا اراد ان يقنعك بقضية معينة يروى لك حديث معين ، ويقول عليك سماع كلام النبى ، ومع مرور الوقت لو وجد ان الامر ليس فى صالحه يغير رأيه ويقول ان الحديث غير صحيح . الدين ليس كلاما يقال وليس خطبا رنانة وانما تصرفات على ارض الواقع نجد فيها الرحمة والتكافل والمودة والعمل الجاد والقيم الانسانية ، فكيف ندعى اننا نطبق الاسلام ونجد من بيننا من لايجد قوت يومه ومن لايجد مأوى يحتمى به ومن لايجد كساء يستره ومن لايرحم صغيره ويوقر كبيره ، بل اننا نتصارع على اتفه الاشياء ، ويلجأ البعض لقتل من يخالفه الرأى أو العقيدة مثلما تفعل الجماعات التكفيرية والتى لم نراها يوما تفعل شيئا ضد من احتل قدسنا ، ولكنها دائما تجاهد ضد المسلمين فقط وتتعامل مع الد اعداء الوطن وتنسق معهم فى كل مواقفهم فأين الاسلام الذى يتحدثون عنه ولا يفعلون شيئا مما جاء فيه .

واعتقد ان الدول التى ادعت انها قتلت وكفرت ودمرت من اجل تطبيق الشريعة هى الآن من اضعف الدول ولا تنفذ شيئا مما جاء به الاسلام . فإذا اردنا ان نسير نحو الصواب فعلينا ان نستخدم العقل ونأخذ بالاسباب فى حل امورنا الدنيوية التى لاعلاقة بها بما يعتقده كل انسان ، فأمور العقيدة شئ بين العبد وربه ، اما امور الدنيا فيجب مواجهتها بالعقل والعلم والعمل . ومن هذا المنطلق فمن يريد ان يمارس السياسة فلا يستغل الدين لكى يحقق مكاسب سياسية لان السياسة والاقتصاد وغيرها من العلوم تدخل فى نطاق العلوم الدنيوية التى من الممكن ان تتغير مع تغير الزمان والمكان والظروف المحيطة ، اما الدين فثابت لايتغير مع تغير الزمان والمكان .

التعليقات