كتاب 11

09:25 صباحًا EET

ليس مصرياً.. وكل «أوسكار» وأنتم بخير

(1)
حفل استقبال ضخم، في فندق «جراند حياة»، على هامش الدورة الثامنة والعشرين لـ«مهرجان القاهرة السينمائي»، تندهش حين تعرف أنه على نفقة «فتاة» صغيرة السن، قيل إنها مصرية، لكن تفاجأ بأنها لا تتحدث العربية..!! وبعد أن انتقل الحضور وغالبيتهم ممن لا علاقة بالسينما، إلى قاعة العرض الملحقة بالفندق، بدأت مراسم الاحتفال والاحتفاء بفيلم أنتجته وأخرجته «الفتاة الصغيرة»، بوصفه منجزاً يضاف إلى منجزات السينما المصرية، بل وقام رئيس المهرجان بمنحها شهادة تقدير لا وجود لها في لائحة المهرجان..!!

وتلك فقرة من مقال كتبته، في 19 ديسمبر 2004: «هنا، لا نجد ما يمنعنا من أن نعود ونشير إلى واقعة شديدة الاستفزاز كان بطلها أيضا شريف الشوباشي رئيس المهرجان ونقصد تلك الورقة (قالوا أنها شهادة تقدير!) التي أعطاها لمخرجة فيلم «Control Room» أو «غرفة التحكم»، مصرية الأصل التي لا تتحدث العربية!، ولا أعرف إن كان قد جاء بتلك الورقة، من بيته أو اشتراها من ماله الخاص أم أن إدارة المهرجان هي التي اشترتها وأوكلت إليه مهمة تسليمها..؟!! وفي الحالتين فإن، تصرفاً كهذا، ليس له ما يبرره»!

(2)

طبيعي أن يدفعك هذا التتابع، إلى محاولة معرفة «سر» تلك الفتاة: من يدعمها..؟! من يقف وراءها..؟!، وما الذي يدفع مهرجان القاهرة السينمائي أو رئيسه، إلى اختراع شهادة تقدير لا وجود لها في اللائحة، ليمنحها لها..؟! خاصة، إن كنت شاهدت فيلم «غرفة التحكم» ولم تجد به ما يشير إلى «إبداع خارق» أو أي شيء غير عادي، باستثناء «التسهيلات» التي حصلت عليها من إدارة «قناة الجزيرة» و«القيادة المركزية» للجيش الأمريكي خلال غزوه للعراق..!!

«الفتاة الصغيرة» هي نفسها »جيهان نجيم» مخرجة فيلم «الميدان» الذي قيل إنه أول فيلم «مصري» يتم ترشيحه لجائزة «أوسكار»، رغم أنه «أمريكي» بنسبة تقترب من الـ100 فالفيلم يكتسب جنسيته من جهة إنتاجه والشركات الثلات المشاركة في إنتاج «الميدان» أمريكية، وعلاقة «مصر» به، تتلخص في أنها مكان الأحداث.. وإلا، يكون فيلم «الجاسوس الذي أحبني» (أحد أفلام جيمس بوند) مصرياً، و«المليونير المتشرد» هندياً، و«أوتيل رواندا» رواندياً و«همام في أمستردام» هولندياً.. وتكون آلاف الأفلام الأمريكية، غير أمريكية..!!

(3)

«جيهان نجيم»، المولودة بواشنطن فى 17 مايو 1974، لأب مصري، وتقيم منذ 1990 في مدينة بوسطن الأمريكية بولاية «ماساتشوستس»، وعاشت جزءاً من طفولتها في الكويت والقاهرة، ثم عادت إلى القاهرة سنة 1996؛ لتنتج فيلماً عن «جامعى القمامة» فى منطقة المقطم، حصلت به على منحة وزمالة «Gardiner» من جامعة «هارفارد»، وهي المنحة التي يتقدم لها الآلاف سنويا، وينالها فقط، عشرات المحظوظين.

فور تخرجها، أنشأت شركة إنتاج تحمل اسم عائلتها، بدأت نشاطها بإنتاج الأخبار والأفلام الوثائقية لحساب شبكة «MTV»، وشاركت فى إنتاج المسلسل الوثائقى «Unfiltered» أو «غير مرشحة»، قبل أن تقرر الإخراج فأنتجت وأخرجت فيلم «Startup.com» أو «البداية.كوم»، على أننا لم نسمع اسمها إلا سنة 2004 حين أنتجت وأخرجت فيلم «Control Room» أو «غرفة التحكُّم».

(4)

وغير منجزاتها العديدة، تم اعتقال «الفتاة» داخل سجن «طرة» لمدة 36 ساعة..!! ولا تعتقد أنني قلبت الموضوع لـ«هزار» أو «تهريج»، لكن هذا ما قالته بالفعل، في حوار عرضته قناة «NBC» الأمريكية في 25 نوفمبر 2011، وشرحت بطريقة تدمي «القلوب الخضراء»، كيف تم إلقاء القبض عليها في 23 نوفمبر، أثناء تواجدها في محيط شارع «محمد محمود»؛ لتوثيق اعتداءات قوات الأمن على المتظاهرين. والغريب، أن هذا هو اليوم نفسه، الذي تم فيه الاعتداء على الكاتبة «منى الطحاوي» والتي تم الإفراج عنها بعد 12 ساعة من الاحتجاز، والأغرب أن أحداً من فريق العمل المصاحب لـ«جيهان»، لم يقترب منه أحد، لكن «الفتاة» التي لم يظهر عليها أي أثر لاعتداء، زعمت أن أحد أفراد «الشرطة العسكرية» اعترض طريقها وقام بتكسير الكاميرا الخاصة بها وتجريدها من تليفونها المحمول، ووصفها بـ«الجاسوسة»..!!

(5)

«تجربة لا توصف»، هكذا وصفت «الفتاة» تجربة اعتقالها، وتساءلت بدهشة: فعلوا هذا بي وأنا أحظى بمعارف واتصالات واسعة, فكيف ـ إذن ـ يعاملون شاباً أو طفلاً، لا يملك أي دائرة معارف ولا يستطيع الدفاع عن نفسه»..!! وأضف إلى ما سبق قولها لـ«CNN» إنها تم اعتقالها «ثلاث مرات»، خلال وجودها في ميدان التحرير.. كما أكدت لـ«لنيوزويك» أنها تم إلقاء القبض عليها مرتين، وكان الكلام بمناسبة اختيارها ضمن قائمة المجلة الأمريكية لأكثر سيدات العالم تأثيراً، في مجال التعليم، والدفاع عن حقوق الطفل والمرأة، وسيدات أعمال..!!
الأيام والشهور وانشغالاتها وفرحتها بالجوائز وبالترشح لـ«أوسكار»، ربما أنستها ما قالته لـ«NBC»، فقالت لـ«لرويترز» في  8 يناير 2014: «كل واحد من فريق فيلمنا إما طاردته الشرطة أو الجيش في الشارع أو قبض عليه أو تعرض لإطلاق النار في مرحلة ما». وفي الحوار نفسه، قالت إن الفيلم تم عرضه في كل دول العالم تقريباً، «لكن هناك مكان واحد مهم، لا يمكن فيه عرض الفيلم حتى الآن… هو مصر»! زاعمةً أن الفيلم، تم تقديمه إلى «الرقابة على المصنفات الفنية»، وأنها تنتظر التصريح بعرضه منذ ثلاثة أشهر تقريباً..! كما لم تنس، أيضاً، أن تكرر ذلك لجريدة الـ«جارديان» فقالت إن الأهم من ترشح فيلمها لـ«الأوسكار»، هو منع الرقابة المصرية، عرض الفيلم حتى الآن»..!!

(6)

«الفتاة» تصر ـ إذن ـ على أن الفيلم ممنوع من العرض في مصر، وهو ما أشيع فعلاً في «نوفمبر» الماضي، فقيل إنه ممنوع من العرض في «بانوراما الفيلم الأوربي»، لكن ماريان خوري (منظمة البانوراما) أكدت، في بيان، أن «رئيس الرقابة» وافق عليه، دون أن يشاهده! وعلى مسئوليته الشخصية؛ لأن «الشركة المنتجة» لم ترسل نسخة..! ولأن النسخة لم تصل حتى نهاية أيام »البانوراما»، تم إلغاء العرض..!! وتكررت شائعة المنع، بعد أن ترشح الفيلم لـ«الأوسكار»، فصدر بيان رسمي من الرقابة (نشرته الأهرام) يؤكد أن الشركة المنتجة لم تتقدم بطلب، حتى ترفضه الرقابة أو توافق عليه..!! وأشير هنا، إلى أن «تصاريح» عرض الأفلام، لا تصدر «تلقائيا» لأي فيلم تم إنتاجه..!! بل يكون على جهة الإنتاج أو التوزيع أن تتقدم أولاً بطلب، ويكون الرد عليه إما بالموافقة أو الموافقة المشروطة بتنفيذ ملاحظات أو تصنيف عمري، وقد يتم رفض التصريح، وبكون على المتضرر، وقتها، اللجوء إلى «لجنة عليا» تابعة للمجلس الأعلى للثقافة، تختص بنظر في التظلمات..!! وليس هذا سراً أو اكتشافاً، بل يعرفه كل من له علاقة بالسينما..!!

(7)

لا تنتظر رأيي في فيلم «الميدان». يمكنك أن تشاهده إن أردت، لكن ما يعنيني (واعتبرني باتلكك!) هو حصول الفيلم على جوائز كثيرة وعظيمة، لا يستحقها..؟! وبشكل يوحي أن لجان تحكيم المهرجانات التي شارك بها لا يوثق في قرارها..؟!

في الفيلم، مثلا، خطأ فني قاتل يكفي وزيادة لاستبعاده من «المشاركة» في أي مهرجان دولي أو محلي.. أو حتى في مسابقة لهيئة قصور الثقافة..!!

في نسخة متاحة على «يوتيوب»، مدتها 1:42:48 دقيقة، تشاهد «مجدي عاشور» وهو إخواني وأحد شخصيات الفيلم الرئيسية، يصعد السلم مرتدياً «تي شيرت» أبيض و«جيلية» أسود، ويربط يده «اليسرى» في الدقيقة  1:26:56 ثم تجده يجلس داخل منزله، باللبس نفسه ويده «اليسرى» المربوطة، من الدقيقة 1:27:07إلى 1:27:23 قبل أن تفاجأ بيده «اليسرى» سليمة وبأن «اليمنى» هى المربوطة من الدقيقة 1:27:34 حتى 1:27:43 ثم تعود يده «اليسرى» مربوطةً، مرة أخرى فى الدقيقة 1:28:03 وخطأ قاتل كهذا، يكفي؛ لتدرك أنك أمام فيلم «روائي» صنعه هواه..!! وكل «أوسكار» وأنتم بخير..!!

(8)

أخيرا..

وبعيداً عن رأيك في فيلم «الميدان» إن كنت شاهدته، وبعيداً عما سمعته أو قرأته عنه، أنصحك بإعادة قراءة السطور السابقة، ولا أعتقد أنك ستحتاج جهداً؛ لتدرك ـ إن كنت حسن الظن ـ أنك أمام «فتاة أمريكية» عملية، لا يربطها بمصر، غير جواز سفر ورثته عن أبيها، وعرفت أن بيع تخلّف «الشرق» لـ«الغرب» تجارة رابحة، فقررت أن تجرّب فيها حظها. وللأسف، وجدت في «مصر» من قدموا لها مساعدات..!!

التعليقات