كتاب 11

12:13 صباحًا EET

يسقط الوطن الافتراضى!!

مزقوه اربا.. وكل تناول قطعته التى فاز بها بعد المعركة.. وابتلعها دون مضغ.. لم تهضمها معدته.. فصرعه المغص.. وظل يتلوى على الأرض.. صارخا بكل ما يملك من قوة.. “إنه مسموم”.. “إنه مسموم”.. ذاك هو حال الوطن الافتراضى.. على صفحات الفيس بوك.. وطن مسموم!!

كل “تافه” يعتمد منهج “البنطلون الساقط” تحت الخصر, كأسلوب حياة.. كل جاهل بحجم الوطن وقدره وإمكاناته المذهلة.. يتساوى فى ذلك ساسة الفضائيات.. ونخبة الفضائيات.. ومن يطلقون على أنفسهم لفظ لا أدرى من صكه “نشطاء”.. جالسا أمام حاسب آلى, سواء شخصى أو يخص العمل.. فى فترات فراغه – وهى طويلة – فى منزله.. أو أثناء أوقات العمل الرسمية.. وهى بالمناسبة 8 ساعات بحسب قانون العمل.. مطلقا لأفكاره العنان يقول ما يحلو له.. ويفتى فيما يجهل.. ويهدم وطنه على رأسه على صفحات الفيس بوك دون أن يدرى.. (أو يدرى بس سايق فيها)!!

لخص كل الحالة السيكوباتية المذهلة, الفنان الشاب الذى لا أعرفه شخصيا إسلام جاويش.. برسومه المميزة المبسطة (على طريقة رسوم عبده وأمينة فى كتاب اللغة الفرنسية للمرحلة الثانوية فى بداية الثمانينات).. الناشط الفيسبوكى.. الجالس طول الوقت أمام شاشاة الكومبيوتر.. مرتديا بيجامة رديئة كستور مقلم شتاء.. أو بنطلون مهترىء على فانلة داخلية بحمالات صيفا.. وهو فى حالة كتابة دائمة للتعليقات.. عن وجوده فى ميادين مصر كافة.. ووصفه الدقيق للغاز المسيل للدموع والاشتباكات مع الشرطة.. وسيل من “النخع” غير المسبوق, بينما هو لم يفارق كرسيه المتهاوى.. أمام شاشة الكومبيوتر فى منزله المتواضع.. بالضبط الشخصية الشهيرة التى ابتكرها الفنان مصطفى حسين “الكحيت” وقد انتقلت إلى صفحات الفيس بوك!!

تلك الحالة السيكوباتية.. أحيانا ليبرالية.. أحيانا يسارية.. أحيانا يمينية متطرفة.. تتفق على لعن الوطن.. واحتقاره.. وتصويره فى أسوأ صورة يمكن للعقل تخيلها.. تلعن الشعب.. وتحتقره.. تتهمه بالجهل والغباء.. وأضف إليها العبودية مؤخرا.. عبد للبيادة.. عبد للقمع.. عبد للعسكر.. وهو لفظ يمثل لهم إحساس مذهل بالانتصار (على ماذا لا أدرى!!).. يتملكهم عند استخدامه شعور هائل بكينونتهم التى تتضخم أمام شاشات الكومبيوتر!!

ذاك وطن ردىء, الوطن الافتراضى.. كما ساكنيه.. ذاك وطن لا يحلو لى الانتماء إليه.. وطن يشبه فقاعة.. تنفثىء بمجرد أن تصطدم بها لفحة هواء.. فيهوى ساكنيه على الأرض فجأة.. يتبعثرون فرادى وجماعات.. يحاولون لملمة أنفسهم عندما يكتشفون أن سكان الوطن فى الواقع عمالقة.. يتوارون بحثا عن أى جدار يختبئون خلفه.. خوفا من أقدام أولئك العمالة, أن تدهسهم وهم يتحركون فى طريقهم.. الصدمة التى قد تودى بعقولهم.. أو أولئك العمالة لا يرونهم البتة.. حياتهم تمضى بكل ما فيها دون أن يعنى لهم سكان الوطن الافتراضى شيئا.. فليسقط الوطن الافتراضى!!

التعليقات