كتاب 11

09:34 صباحًا EET

التجنيد الفكري

يقول الدكتور أغري: “إذا علمت رجلا، علمت فردا.. إذا علمت امرأة تُعلم أمة”. في يناير، وافق مجلس الوزراء في دولة الامارات العربية المتحدة، على قانون الخدمة الوطنية على كل مواطن من الذكور، لمدة تسعة أشهر للحاصلين على الشهادة الثانوية العامة، وسنتين للحاصلين على مؤهل أقل من الثانوية العامة.

ستكون في كل بيت قوة بدنية مستعدة لحماية الوطن، وكما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي: “إن الخدمة الوطنية ترسخ قيم الولاء والانتماء لدى شريحة الشباب، كما تزرع روح النظام والانضباط والتضحية فيهم، بما يمكنهم من خدمة الوطن على أفضل وجه”. بعد صدور هذا القرار، راودتني فكرة: “التجنيد الفكري” للمرأة الإماراتية.

“التجنيد الفكري” بدأ كفكرة، والآن أطرح هذه الفكرة على جميع أفراد المجتمع. سيكون “التجنيد الفكري” خاصا بالمرأة الإماراتية، وستستغرق مدته تسعة أشهر. تنقسم هذه الأشهر إلى ثلاثة أقسام: قسم التاريخ والشؤون الخارجية، قسم اللغة، وقسم القيادة.

ستكون مدة كل قسم ثلاثة شهور، ويبدأ “التجنيد” بقسم التاريخ والشؤون الخارجية. ستتعلم المرأة الإماراتية تاريخ الإمارات ما قبل وما بعد الاتحاد، وسوف يتضمن هذا الجزء سلسلة من محاضرات تخص شؤون الدولة الداخلية والخارجية.

لقد فشلت المدارس والمناهج في تعليم الطلبة وتوعيتهم حول التاريخ والشؤون الخارجية. يُدرس التاريخ في مناهجنا على أسلوب الحفظ، فإِن لم يحفظ الطالب لن ينجح في الامتحان. أصبحت مادة التاريخ مادة خالية من النقاش والحوار، وهذا من أكبر الأخطاء التي ارتكبتها مناهجنا ومدارسنا.

التاريخ يعيد نفسه، وفي إمكاننا فهم الشؤون الخارجية بواسطة تعلم التاريخ، لكن مناهجنا للأسف تحث على حفظ التاريخ وليس فهمه. الشؤون الخارجية لا تُناقش في المدارس، ويصبح الصف المدرسي آخر مكان للحصول على الحقيقة. يُلقّن الطالب أن السياسة لا تُناقش في المدرسة، ويتعلم في البيت أن السياسة لعبة لا أحد يفهمها، ولهذا السبب نرى أجيالا غير واعية بالشؤون الخارجية.

حماية الوطن ليست فقط بالبدن، ولكن بالفكر أيضاً. “التجنيد الفكري” سيحث على علاج هذا الموضوع، وجعل المرأة الإماراتية قادرة على حماية وطنها، بتوعيتها وترسيخ هذه التوعية في الأجيال القادمة.

المرحلة الثانية من “التجنيد الفكري” ستتكون من اختيار تعلم لغة، أو أكثر من لغة، لمدة ثلاثة شهور. اللغة الإنجليزية ليست قوية في المدارس الحكومية، وفي إمكان المرأة الإماراتية أن تستغل هذه المدة لتقوية لغتها الإنجليزية. اللغة الصينية هي اللغة الأكثر استخداماً في العالم، فسوف تتوافر هذه اللغة أيضاً كجزء من التجنيد الفكري. سيمنح تعدد اللغات فرصا كثيرة للمرأة الإماراتية من ناحية العمل والمهنة، وسيسهم في الرؤية الوطنية لجعل دولة الإمارات دولة عالمية وليست محلية فقط.

المرحلة الأخيرة من “التجنيد الفكري” هي مرحلة القيادة. سيختص هذا القسم بمساعدة المرأة الإماراتية من ناحية بدء مشروع خاص بها، ومساعدتها على إنشاء شركة خاصة بها. وسيركز هذا القسم على شتى ميول وطموحات المرأة الإماراتية، لكي يوفر لها مجموعة واسعة من فرص النجاح في داخل البلاد وخارجها أيضاً.

أصبحنا نعيش في مجتمع تكثر فيه الحقائب الغالية وتقل فيه الكتب النافعة. معظم الناس يشترون للسمعة وليس للحاجة.. يسافرون للمتعة وليس للعلم.

نعم، التجنيد البدني مهم، لكننا في أمس الحاجة لتجنيد فكري.

التعليقات