كتاب 11

09:28 صباحًا EET

يوم الخبز والورود

في 8 مارس/آذار 1908 حملت عاملات النسيج باقات من الورود وقطعاً من الخبز اليابس في أيديهن، وخرجن للتظاهر في شوارع نيويورك احتجاجاً على طول ساعات العمل، والمطالبة بوقف تشغيل الأطفال، ومنح النساء حق الاقتراع . ومنذ تظاهرة “الخبز والورود” والمرأة حول العالم تحمل المطالب نفسها، تنزل إلى الشارع تصرخ وتهتف، ثم تعود إلى بيتها نصف منكسرة نصف حالمة .

يوم المرأة العالمي يعود كل عام ليكشف أن المرأة مازالت تحمل تلك الورود إنما كإكليل على جبينها، تُظهر أوراقه المخملية الناعمة الجميلة، وتخفي خلفها الأشواك المغروزة كالخناجر في لحمها، مسببة لها النزيف تلو الآخر . حققت تقدماً؟ طبعاً في جوانب كثيرة، لكنها كشفت أيضاً عورات مجتمعات لا تعرف الرفق بالقوارير، ولا تعترف إلا بحقوق الرجل في ممارسة العنف سواء كان أباً أو أخاً أو زوجاً أو رب عمل .

نادرة هي الدول التي تعلي من قدر المرأة وتقف إلى جانبها في وجه الرجل أياً كان . ولهؤلاء حق علينا أن نقف لهم في مثل هذا اليوم تحية وإجلالاً، ويكفي أن ننظر إلى أشكال احتفالات المرأة بيومها في هذه المناسبة في مختلف الدول، لنفهم ماذا يحصل في العمق، وماذا تخفيه الحرائر في بيوتهن وفي حياتهن .

في الإمارات حكت كل سيدة عن أسباب نجاحها والأبواب التي فتحها أمامها قادة الدولة لتصل إلى أعلى المناصب، وتكون شريكة في الحكومة وفي صنع القرار، ومسؤولة في إدارة المؤسسات وتمثيل الدولة في الخارج . . وحكت الفتاة عن أسباب تفوقها دراسياً على الشاب، وعن الحرية التي تتمتع بها في اختيار مجالات التعليم والتخصصات التي تريدها، وعن سفرها إلى الخارج لاستكمال التعليم ونيل أعلى الشهادات، وحتى للوصول إلى “ناسا” . والدافع الأول وراء هذا النجاح، “الثقة” التي وضعها القادة في المرأة، فجعلوها شريكاً حقيقياً في بناء المستقبل، كما هي شريك بحكم الطبيعة في صنع المجتمع والحياة .

محزن أن تحتفل المرأة العربية في دول عدة بالتظاهر للمطالبة بحقها في العيش بكرامة، بلا عنف واضطهاد . ومؤسف أن يتطور الحال ببعض تلك الدول إلى التزام القانون الصمت حيال الجرائم التي ترتكب بحق الأنثى، أياً كانت، والتستر على قضايا القتل من دون إصدار أحكام على الرجل الزوج أو الأب القاتل، لأن القانون مازال “ذكورياً” كما كان عليه منذ أيام الجاهلية .

نون النسوة تحمل أثقالاً من الأحزان والهموم، وعليها أن تبدو حنونة وجميلة في كل الأوقات . كأن ليوناردو دا فنتشي رسم الموناليزا لتكون رمزاً للمرأة، تظهر ابتسامة على الوجه وتكتم ألماً في القلب وحزناً في العينين . 

التعليقات