كتاب 11

09:24 صباحًا EET

أين محاسبة “منظمات حقوق الإنسان”؟

في الوقت الذي تعمل فيه بعض منظمات حقوق الإنسان بالفعل على خدمة قضايا الإنسان والعمل على فضح الانتهاكات التي يتعرض لها البشر في أكثر من مكان ولأكثر من سبب، فإن العديد من هذه المنظمات بات أشبه بالمافيات أو المرتزقة المأجورة التي مهمتها الوحيدة ترويج الشائعات والأكاذيب حول دول وحكومات، وحتى حول أفراد في بعض الأحيان. والسؤال هو: لماذا تبقى هذه المنظمات خارج المحاسبة؟ ومن الذي يراقب عملها ويحكم على مصداقيته أو غياب هذه المصداقية؟

هو معتقل سابق في غوانتانامو. “ناشط” بارز في تنظيم القاعدة. مقرّب من أحد زعماء القاعدة أنور العولقي. مقرب من حركة طالبان. داعم متحمس لداعش في سوريا. وهو في الوقت نفسه، ومن خلال منظمته المشبوهة “كايج”، أحد أشرس المدافعين عن الإخواني محمد الجيدة المقبوض عليه بتهمة تمويل تنظيم الإخوان الإرهابي، وقد دأب هذا الرجل، الباكستاني الأصل، معظم بيك، على مهاجمة الإمارات تحت شعار “حقوق الإنسان”، والأدهى من ذلك أن منظمة دولية يفترض أنها تتمتع بقدر من الاحترام، وهي منظمة العفو الدولية، تعتبر هذا الإرهابي “شريكاً” لها في مجال حقوق الإنسان، بل إنه أحد المصادر المعتمدة في تقاريرها. فهل يكفي هذا كله لطرح أسئلة جدية حول ما تقوم به بعض منظمات حقوق الإنسان، والتقارير والحملات التي تتفنن في فبركتها؟ والخلفيات الحقيقية لمثل هذه الحملات؟

في واقع الأمر باتت أهداف مثل هذه المنظمات مكشوفة للجميع، وهو ابتزاز الحكومات وصناع القرار، من خلال تقارير مشبوهة، تخلو من الوقائع والإثباتات، وتفتقر تماماً إلى المصداقية، والهدف ليس دعم هذه الفئة أو تلك ممن قد تكون عرضة للظلم أو الحرمان من الحقوق، بل الهدف الوحيد تشويه السمعة، وممارسة الضغط، حتى “تخضع” تلك الجهات المستهدفة وتقدم “الأتاوة” المطلوبة، ولو بصورة غير مباشرة.

وفي الوقت الذي يفترض أننا نعيش أكثر فأكثر في عالم تحكمه القوانين والتشريعات والضوابط الدولية، بيد أن الكثير من هذه المنظمات المسماة زوراً وافتراء بمنظمات حقوق الإنسان، يبدو أنها تعمل فوق القانون، سواء القوانين المحلية لكل دولة على حدة، أو القوانين والاتفاقات الدولية المعمول بها، وهي بالتالي ليست عرضة للمحاسبة على ما قد تقوم به من تشويه وتزوير وترويج للأكاذيب والشائعات، ولعل الدول نفسها تتحمل جزءاً من المسؤولية عن هذه الفوضى، إذ يتفادى العديد منها خوض المعارك القانونية الضرورية، ضدّ هذه المنظمات ومن يقف خلفها ويوظفها، إلا أن مثل هذا التجاهل لا يؤدي إلا إلى مزيد من الخلل في عمل هذه المنظمات نفسها، ومزيد من الانحراف عن الدور الإنساني والأخلاقي المنوط بها.

في عالم مفتوح كالذي نعيش فيه، لم يعد إخفاء الوقائع ممكناً، وكذلك لم يعد سهلاً فبركة “الوقائع” لأغراض وأهداف سياسية، وبالتالي وفي حين بات الوصول إلى المعلومات أسهل من أيّ وقت مضى، فقد بات بالإمكان أيضاً وبسهولة موازية فضح أيّ خلل أو زور أو تشويه في الوقائع والمعلومات. وبقدر ما أنه لم يعد مقبولاً ما تقوم به بعض الأطراف من “رشوة” بعض هذه المنظمات والجمعيات بغية نشر تقارير “إيجابية”، فإنه لم يعد مقبولاً على السواء السكوت على ممارسات هذه العصابات المأجورة، وهو ما أدركته صحيفة وول ستريت جورنال، في “بيانها” الجريء الذي يفضح تناقضات العفو الدولية يوم أمس.

التعليقات