آراء حرة

08:56 صباحًا EET

كواعب أحمد البراهمي تكتب : التسامح

عندما خرج الرسول صالي الله عليه وسلم من مكة ليلا . مهاجرا إلي المدينة المنورة تاركا داره وأهله وموطنه وتارك أحب البلاد إلي قلبه وقد قال ( والله أنك أحب البلاد إلي قلبي ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت ) . ثم بعد عدة أعوام عاد منتصرا.

مالكا حاكما . لم يدخل بلده علي أهلها مزهوا بالنصر .لم يدخلها متعاليا متكبرا بل دخل بلده حانيا رأسه تواضعا . أحني رأسه حتي كادت تلمس سرج الدابة التي يركبها . دخل متواضعا . متسامحا . قائلا للأسري أذهبوا فأنتم الطلقاء . لم يقل من أذانا سوف نؤذيه ومن قتل منا سوف نقتله ومن أخذ دورنا سنخرجه منها . وكان أهل مكة يعرفونه حق المعرفة بالرغم من عدم إيمانهم به عندما قال لهم ماذا تظنون أني فاعل بكم ؟ فقالوا أخ كريم وأبن أخ كريم .

قالوا ذلك لأنهم يعرفون من هو ؟ ويعرفون ما هي أخلاقة ؟ ان التسامح صفه من الصفات فائقة الجمال وما تحلي بها إنسان إلا وزانته.لأن التسامح لا يكون إلا بالتنازل عن حق .في مقدرة الشخص الحصول عليه ولا يتسامح إلا القوي أما العاجز عن الوصول إلي حقه لا يتسامح .

لأنه لا يملك التسامح . ومثال آخر للتسامح بالغفران أيضا عندما كان يجد كل يوم قاذورات أمام بيته يضعها جاره اليهودي . وذات يوم لم يجد تلك القاذورات فسأل عنه فعلم أنه مريض . فذهب إليه ليسأل عنه .وهو ليس مجبرا علي ذلك ولكنها أخلاقه الكريمة وأخلاق الإسلام العظيم التي بعدنا عنها كثيرا في هذاا الزمان هي التي جعلته متسامحا ويذهب ليسأل عمن سبب له أذي . أنا أسأل نفسي هل أستطيع أن أكون بهذا التسامح وأغفر لكل من ظلمني أو أذاني ؟ .

هل تستطيعون أن تكونوا بهذا الغفران وذاك التسامح .؟ هل نحن نستطيع العمل بهذا الدين الذي ننتمي إليه ؟ كل منا لو فكر سيجد في حياته شخص لم يكن معه منصفا . شخص أساء إليه قولا أو عملا أو سلب منه حقا . أو لم يشهد معه عدلا . أو ذكره في غيبته بسوء . أو أساء الظن به . أو أنتقص من حقه عليه . أو حتي لم يعطيه هذا الحق أساسا .

بصراحة ما يحدث منا عكس التسامح تماما فنحن لا نترك مجلسا إلا وذكرنا هذا الشخص الذي ظلمنا بالسؤ . ولو أستطعنا أن نرد له فعلا كما فعل معنا لا نتوانى عن ذلك. والأسوأ البعض لا يتحدث عنه هو فقط بل يحضر السجل الأسري لأسرته ويتحدث عنهم أيضا .

ننتقم بكل صور الإنتقام . وما جربنا أبدا أسلوب التسامح وترك الأمر لله بصدق . ومن التسامح أيضا عدم إنتظار الشر لمن ظلمنا لنشمت فيه فذلك وإن لم يكن أنتقاما بالفعل فهو إنتقام بالشعور بالفرحة بحصول الأذي . أنا أتمني ان أكون متسامحه وأدعو الله أن يرزقني المقدرة علي العفو عمن ظلمني أو أساء إلي .

سواء ماضيا أو حاضرا أو حتي مستقبلا . لأن التسامح فضيلة كبري لا تعرفها سوي النفوس الراقية . و أدعو الله لي ولكم أن نستطيع المشي علي هدي رسولنا الكريم فعلا وليس قولا فقط . أن نتعلم التسامح لنستطيع البناء وعمل المستقبل لأنفسنا ولبلدنا .

وان نقتدي برسولنا الذي قال عن نفسه أدبني ربي فأحسن تأديبي . صدق رسول الله صلي الله عليه وسلم .سبحان من أدبه وسبحان من جمل صورته وأعطاه حسن الخلق وحسن الخلقة وصدق حسان ابن ثابت عندما قال من الأبيات التي اعشقها في وصفه لما رأيت أنواره سطعت ………. وضعت من خيفتي كفي على بصري خوفاً على بصري من حسن صورته …… فلست أنظره إلا على قدري روحٌ من النور في جسم من القمر …. كحليةٍ نسجت من الأنجم الزهر.

التعليقات