كتاب 11

08:03 صباحًا EET

لغز الطائرة

استولت طائرة الخطوط الجوية الماليزية المختفية مع أسرارها على كل الاهتمام طوال الأسبوع الماضي وبالتأكيد في الأيام التي ستلي، وبما أن طائرة 777 المصنوعة من “بوينغ” هي، كما فهمنا خلال تطورات الحدث الدرامي الذي يفوق في ألغازه أكثر الأفلام إثارة، هي شراكة ضمنية بين بلد مثل أمريكا، ومستورد مثل ماليزيا، وبما أن اختفاء الطائرة هو كذلك شراكة مصير مفترض لدى ركاب الطائرات في العالم كله الذين يهمهم معرفة ما جرى، فإن أحد الأسئلة الجذرية في هذا الأمر كله هو: من يملك أسرار التكنولوجيا المتطورة للطائرات من هذا الجيل ومن يملك بالتالي إعطاء الإجابة في وضع غامض وملغز كهذا؟

لقد حاولت ماليزيا الاحتفاظ لنفسها بقدر من الاستقلالية والمساحة السيادية في التحقيق في حدث اختفاء الطائرة التي تملكها خطوطها الوطنية، ولكن ضغوطاً شديدة مورست عليها، ليس من الصين فحسب التي كان عدد من مواطنيها على متن الطائرة، وإنما من أمريكا مالكة تكنولوجيا الطائرة ومفتاح عدد كبير من أسرار ما حدث لها .

لماذا تكون صحيفة “الوول ستريت جورنال” الأمريكية أول مصدر لتسريب خبر أن الطائرة قد رصدت وهي تطير لساعات بعد إعلان اختفائها يوم السبت الماضي؟ لقد سارع وزير النقل الماليزي للقول إثر ذلك إن الخطوط الجوية الماليزية، وكذلك شركة “رولز رايس” المصنعة لمحركات الطائرات تعتبران تقرير “الوول ستريت جورنال” هو “غير دقيق” بمعنى نفي صحته . والآن، وبعد مرور أسبوع كامل على اختفاء الطائرة، يصبح التقرير الأمريكي المصدر هو الحقيقة الرسمية التي تم الاتفاق “تقنياً” وعلمياً” على حدوثها على المستويين الأمريكي والماليزي ويخرج رئيس الوزراء الماليزي نجيب رزاق أمس السبت ليعلن بنفسه أن الطائرة قد حلقت في الأجواء لمدة سبع ساعات كاملة بعد الإعلان عن فقدها .

إن أسئلة التكنولوجيا هنا هي الأكثر استفزازاً للعقل للطرح، وذلك قبل أي أسئلة أخرى: كيف تحلق طائرة في الأجواء لساعات طويلة في غيبة عن أعين الرصد والمراقبة والرادارات المدنية والعسكرية في منطقة مهمة وحساسة من العالم خاصة في ظل خبر انقطاع الاتصال بها وفقدانها؟ ولماذا يتم التأكيد على أنها كانت سليمة، وفي حالة طيران، وذلك بعد فقدان الاتصال بها، بمعنى أن هنالك فعلاً أو فاعلاً “من داخلها”، هو من أودى بها إلى التحطم وبركابها إلى الهلاك .

كيف كانت كل مؤشرات التحليل والقراءة من قبل خبراء الطيران تتجه إلى فرضية حدوث كارثة تقنية مفاجئة من مثل انقطاع الطاقة داخل الطائرة، أو حدوث عطل كهربائي امتد شراره إلى المحركات أو حدوث خلل في الضغط أدى إلى فقدان الطيارين والركاب لوعيهم واستمرار طيران الطائرة من خلال “الطيار الأوتوماتيكي” إلى أن سقطت؟

لقد سادت هذه الفرضيات لأسبوع كامل وكانت ستشير إلى سبب غير مفهوم تسقط فيه الطائرات الأحدث بشكل مفاجئ ومن دون سابق إنذار، كما حدث مع طائرة الخطوط الفرنسية عام 2009 التي تتشابه قصتها بشكل شبه كامل مع ما حدث لطائرة الخطوط الجوية الماليزية؟

التقارير التي ذكرت أن الطائرة قد بقيت تطير في الجو بعد إعلان اختفائها كانت تتضمن أيضاً أن ارتفاعها كان يصل في بعض الأحيان إلى ما فوق ال45 ألف قدم، وأنها كانت تنخفض بعد ذلك إلى ارتفاع 20 ألف قدم، وكلاهما ارتفاعان غير مؤهلة له الطائرة تقنياً ما استخدم كمؤشر لا على خلل في الطائرة نفسها، وإنما على أيد عبثت بالقيادة فيها، أو أن هنالك فرضية صراع قد حدث في داخلها .

هنالك ما يزيد على ثماني حوادث طيران سقطت فيها الطائرات، وهي تطير في الجو ونسبت إلى رغبات انتحارية لدى طياريها .

فهل يدل إعلان تفتيش منزل أحد قائدي الطائرة على أن الفرضية التي سيتم التركيز عليها هي أن الحادث سببه فعل متعمد من أحد الطيارين، خاصة مع تسريب معلومة أن خطوط السير التي سلكتها الطائرة تدل على “حنكة” من قادها متجنباً الرادارات في كل مكان، وذلك بعد أن أغلق خطوط الاتصال .

ولكن، ماذا كان في ذهن من قاد الطائرة وهو ينحرف بها غرباً ويعود للمرور فوق ماليزيا متجهاً إلى كازاخستان ثم إلى الجنوب إلى المحيط الهندي فأجزاء من الهند . لأي دافع يفعل طيار ذلك؟ ولماذا يعاد التذكير بسجلات رادارات الرصد التي يجب فحصها لتحديد المسار الأخير للطائرة، فيما كان نفي من قبل رصدها؟

من هو الذي يقرر ما حدث؟ ويقرر سير التحقيق واتجاهه، وكذلك الفرضيات الأساسية؟ الجواب بالطبع هو من يملك التكنولوجيا، وليس قطعاً أولئك الذين أبلغوا عن جسم يضيء ويحترق في الجو في ليلة اختفاء الطائرة .

التعليقات