مصر الكبرى

10:04 مساءً EET

نجوم الخبطة الواحدة!

يوجد فى الخارج مصطلح فنى اسمه "one hit star" او ما يسمى نجم الخبطة الواحدة..الا و هو نجم الفرقعة الاعلامية الفجائية التى ترفع ذلك المغمور من قاع سلم المجهول لقمة هرم الشهرة و المجد بعمل واحد فقط..الا و هو اول عمل..

احنا بقى عندنا فى حياتنا السياسية نماذج كثيرة جدا من ابناء الانفجار اللحظى ده!يعنى فى اقل من 24 ساعة بس فى العام الماضى، كان العالم العربى متكهرب و بيتكلم لك عن واحد اسمه احمد الشحات..سبايدر مان مصر! "لاء واد جامد دبابة الصراحة!" "بص شوف يا عم الساحر اللى انزل علم اسرائيل من فوق السفارة الاسرائلية!" و استمر الصخب الاعلامى وراء هذا العامل البسيط -و السوبر هيرو فى نفس الوقت- لمدة شهر بأكمله..ثم..لا شئ بعدها!و اتحداكلو اتيت لاى فرد مصرى او عربى الان و سألته:"هل تذكر ملامح هذا "السوبر هيرو" " و تذكر منها شيئا! و لربما لسألك فى بلاهة معتادة "مين احمد الشحات ده يا برنس؟ بتاع جمال الاجسام؟!"و لدينا نموذج ايجابى ايضا هو وائل غنيم – و هو انسان محترم و شاب ممتاز فعلا – كان يدير صفحة كلنا خالد سعيد بإسم مستعار و من خارج مصر و بعدما هبط إلى مصر يوم 28 يناير و القبض عليه من مخبرين امن الدولة و احتجازه لمدة اقل من اسبوع ( لم يعذب فيها و لا بادنجان!) و بعد كدة طلع بضغط دولى (جوجل بقى!) طلع من اعتبره البعض "مفجر الثورة" (و من اعتبر ايضا كل من ينتقده مجرد نكرة و "منفسن" عليه!) و طلب من الناس العودة لمنازلهم بعد خطاب مبارك الثانى او الثالث"خلاص يقى يا كماعة! الريس وعد!"، هذا النموذج مثلا الذى اصبح يوم 3 فبرايرعلى ما اذكر – بعد ان تبين للناس اسمه فى اليوم السابق و علاقته بجروب "كلنا خالد سعيد"- ملئ السمع و البصر! اصبحنا نطالع اسمه و صورته فى كل مكان و زمان! و ايضا فجأةراحت عشرات المحطات المحلية و العالمية تسجل له و تنقل كلماته و دمعاته! (اعتقد انك لو قرأت ما يكتبه فى كل مكان لما وجدته يزيدا عن تجارب شاب بسيط مغترب مضافا اليها خبراته فى مصر مع سائقين التاكسى! الراجل محسسك ان سواقين التاكسى هم الكل فى الكل فى مصر! مش عارف ليه!علما ان معظمهم يكن للثورة كراهية شديدة!) اصبح وائل غنيم ملهما و لا البرادعى، و فوق ذلك سمعنا بعض الهراء من الكثير من السذج تطالب بتعيينه نائبا للرئيس او حتى وزيرا! مكافاة على وطنيته و ادارته للجروب الوطنى!و من يعلم..لربما اختفى من حياتنا السياسية فى غضون اشهر!و لدينا سلبا بقى نموذج صبرى نخنوخ..الذى اصبح ايضا فى ظرف 24 ساعة ملئ السمع و البصر..الاب الروحى المصرى..امبراطور البلطجية..و امور كثيرة..مخدرات..دعارة..غسيل اموال..الخ..الخ..و الله اعلم!و اعتقد اننا فى اقل من 10 ايام من الان..اننا لن نذكر شيئا عنه!
ده كله جزء من ملحمة الشعب المصرى الهياص الزياط الفاضى! و القراء و المشاهدين اللتاتيت العجانين! جزء من تركيبة الانسان المصرى "الكنباوى" الذى تجده كثيرا جالس فى صالونه او غرفة معيشته امام التلفزيون فاغر فاه فى بلاهة قابضا على ساندوتش الجبن! ذلك الموظف البسيط الذى يهرب من عمله الحكومى قبل الساعة الثالثة الا ربع ظهرا كل يوم تقريبا و قبل الثانية و النصف يوم الخميس! نعم جنرال المقهى هذا!ذلك الذى تتلخص معظم احلامه فى ورقة اليانصيب و فائدة البنك و الجلوس فى البيت بعدها بلا عمل! الذى كانت الجرائد فى مصر عنده قبل الثورة كلها اسمها الاهرام و الاخبار و الاحزاب كلها عنده عددها 3 احزاب!
هذا الذى كان مواطنا مغيبا يستعجل جدا هو نفسه تلك الفرقعة ..تلك القفزة..تلك "السبرنت" التى تقذف به و باسرته لعنان السماء فجأه و بأقل مجهود ممكن..هو ايضا يقدر و يوقر مافعله غيره و لو بالشر بنفس هذه الطريقة..عندما يقرأ اخبارهم و يحسدهم و يحقد عليهم او حتى يتأمل سيرتهم!ليس لديه مشكلة فى ان يكونوا هولاء مصدرا لالهامه و مضربا لامثاله..الا فى الانتخابات!دى بقى يا معلم لازم يعتمد فيها على مبدأ "اللى نعرفه احسن من اللى مانعرفهوش"يعنى هو مصر ينتخب حد هو يعرفه قبل كدة كويس قوى..حد اكل من زيته و سكره و رزه..حد استحمى بصابونه (حتى لو هو مابيستحماش من الاصل!) و الاهم حد عارف انه مش بيشرب الخمور و لا بيلعب قمار و حد متأكد انه بيصوم! قال يعنى ايه الصلاة و الصيام دول هايعكسوا على الشعب! زى ما افتى ابن الامريكية! مع ان الصلاة امام الكاميرا دى حيلة استعراضية قديمة معروفة منذ السبعينيات! الا و هى حيلة تصدير النموذج الاخلاقى للمجتمع – خصوصا انه مجتمع بيضحك على نفسه فى مواضيع التقوى و الورع دول – انتخابيا!المواطن ده اللى بينبهر بنجم الخبطة الواحدة ده فى كافة شئون الحياة، مش مستعد اطلاقا انه يجرب و يجدد و يغامر بمرشح ثائر او شاب الا ان كان محسوب على جماعة او جوقة احترفت الصلاة و الصيام و فعل الخير جهرا و علنا سنوات طوال ابتغاء لوجه صوت المرشح! فاهمينى طبعا!و رغم ان الكثيرون فطنوا لحقارة و دناءة اسلوب استدراره للاصوات الانتخابية سياسيا عن طريق الرياء الدينى هذا و التى برع فيها المتأسلمينالا ان الاغلبية مصرة على ان تنتخب الرجل العتيق "الذى نعرفه" و "نعرف ادائه للفروض الدينية" فى الانتخابات البرلمانية و السياسية و لا تنتخب الشاب او الثائر او الجديد..مثلما هى مصرة هكذا بنفس القوة على للانصات إلى و تتبع و تعقب بشغف إلى اخبار و اقوال و افعال نجوم الخبطة الواحدة – الذين طلعوا لنا من تحت الارض فى اقل من 24 ساعة – فى كافة شئون الحياة! اشمعنى؟ و ليه؟ ما عرفش!

التعليقات