مصر الكبرى

01:18 مساءً EET

حرب اقليمية

سلسلة من الفرضيات الاساس تستخدم في اطار النقاش الجماهيري من جانب المؤيدين للهجوم على ايران وكذا من جانب المعارضين له. فالحديث يدور احيانا عن تفسيرات وتقديات، ولكن الجمهور يتعاطى معها أحيانا كمسلمات، وبموجبها يقرر موقفه في المسألة. يجدر بنا ان نتوقف عند بعض هذه الفرضيات لنشرح لماذا لا ينبغي اعتبارها توراة من سيناء.

حجة دارجة تعتقد ان هجوما اسرائيليا سيؤدي بيقين الى حرب اقليمية وأن المصالح الامريكية ستتضرر. حجم المواجهة منوط ضمن أمور اخرى أيضا بمدى استعداد فرعي ايران، حزب الله وسوريا، للانضمام الى مثل هذه الخطوة. وبالفعل فان انضمامهما ليس تلقائيا وهو أيضا سيكون منوطا بحسابات الكلفة المنفعة في موعد الهجوم. رد ايران نفسها، منوط هو ايضا بشكل ومدى المس بها. عملية في ظل منخفض، مركزة وموضعية لن تجر في كل الظروف ردا ايرانيا شاملا. الفرضية بأن ايران ستختارضرب مصالح أمريكية هي الاخرى ليست مؤكدة، فالامر سيشدد فقط الضرر اللاحق بها.
توجد فرضية بان قدرة نووية لدى ايران ستشعل بيقين سباق تسلح نووي شامل في الشر الاوسط. فهل حقا؟ مصر، رغم تصريحات مرسي، معدومة في هذه المرحلة لكل القدرة الاقتصادية اللازمة لتنفيذ برنامج نووي مستدام، وتركيا تبدو حتى الان مرتاحة تحت المظلة الدفاعية للناتو. تبقى السعودية. لها ايضا القدرة الاقتصادية وكذا الدافعية لذلك. ولكن حتى هذا السيناريو الذي معقوليته عالية نسبيا، ليس أمرا مسلما به، الا اذا سعى السعوديون الى أن يشتروا من الباكستانيين سلاحا ‘من على الرف’.
يوجد أيضا التعبير الذي أوجدته شعبة الاستخبارات العسكرية ‘امان’ في حينه، ‘مجال الحصانة’، الذي يتناول قدرة خارجية للتأثير على وتيرة وشكل تقدم البرنامج النووي الايراني. ينبغي الايضاح بان هذا وضع دينامي يربط بقدرات العدو ولكن بقدر لا يقل بقدرات اسرائيل. وهكذا مثلا، في الماضي منع وصول صواريخ روسية من طراز اس 300 الى ايران، والتي كانت ‘ستحصن’ ايران من الضربة. اليوم أيضا لدى اسرائيل روافع عسكرية وسياسية يمكنها أن توسع ‘مجال الحصانة’.
هل هجوم على مواقع النووي سيؤدي في كل وضع الى توحيد الصفوف وتراص الشعب الايراني خلف القيادة؟ فرضية أن النظام سيخرج معززا من مثل هذا الهجوم، من الداخل، هي عدمية وتستند الى التأييد الواسع في ايران لتطوير نووي مدني. الجمهور الايراني في معظمه يفهم بان الوضع الصعب الذي توجد فيه الدولة يرتبط بقرارات مغلوطة اتخذها النظام، واستطلاعات الراي العام تشير حتى الى ابتعاد ما للجمهور عن النظام.
عملية ‘نقية’ لا تؤدي الى المس بالمدنيين الايرانيين، كفيلة بان تضعف موقف النظام ومكانته في نظر الجمهور الايراني.
هذه بضع نماذج عن المواضيع المؤثرة على اتخاذ القرارات في موضوع ايران والنقاش الجماهيري فيها ناقص. جدير أنه الى جانب سلسلة الفرضيات هذه، التي هي مغرضة، بل واحيانا مغلوطة من أساسها، أن تطرح علامة استفهام ويكون فحص منهاجي وعلى مدى الزمن. توجد حجة بان الجمهور لا يعرف الحقائق كما هي وبالتالي لا يمكنه أن يحكم. ولكن هذه الحجة تلغي كل محاولة جدية للبحث في الموضوع. الجمهور الاسرائيلي هو جمهور واع ومنصت ومن المهم أن تعرض عليه أيضا الحجج المضادة، الى هذا الجانب أو ذاك، كي يساهم في نقاش هذا الموضوع الجوهري.

التعليقات