كتاب 11

07:49 صباحًا EET

حزب النور

يبدو أن الرابح الأكبر من كل التداعيات التي مرت بمصر منذ ثورة 25 كانون الثاني (يناير) 2011 وحتى الآن هو «حزب النور» السلفي، ليس فقط لأن الدستور الحالي يحظر قيام أحزاب على أسس دينية، ومع ذلك فإن الحزب وهو ذراع سياسية للدعوة السلفية، يعمل دون صدام مع الحكم الانتقالي أو الجيش أو القوى السياسية، ولكن أيضاً لأن الحزب بواجهته الإسلامية بقي الوحيد من بين القوى المحسوبة على التيار الإسلامي يحظى بقبول رسمي وحضور في الشارع، علماً أن الدعوة السلفية وأعضاءها وأتباعها لم يكن لهم قبل تلك الثورة أي نشاط سياسي على الإطلاق، بخلاف قوى إسلامية أخرى كالإخوان والجماعة الإسلامية.

ورغم عنف الإخوان والجماعات الراديكالية المتحالفة معهم واختيارهم طريق الصدام مع الدولة بعد عزل الدكتور محمد مرسي، وسعي هؤلاء جميعاً لإفشال خريطة الطريق السياسية وضرب مراحلها بشتى الطرق، لا يمكن إنكار وجود فئة من المصريين البسطاء داعمين ومؤيدين ومناصرين للإسلام السياسي، بعضهم ربما يشارك الإخوان تظاهراتهم لكن بعضاً منهم أيضاً يرفض عنف الإخوان وسلوكهم، ويعتقد أن فترة حكم مرسي لمصر كانت سبباً في الإساءة إلى «التيار» وتخويف الناس من الإسلاميين، هؤلاء يمثلون قوة تصويتية مؤثرة ولن يصبح أمامهم، بعد خروج الإخوان من المشهد الانتخابي، إلا الاقتراع لمصلحة مرشحي حزب النور في الانتخابات البرلمانية المقبلة.

تأسس الحزب بعد الثورة وأُشهر في آيار (مايو) 2011، وكان نائب رئيس جمهورية في عهد مرسي، عماد عبد الغفور أول رئيس له، واستقال من رئاسة الحزب في كانون الأول (ديسمبر) 2012، وأسس حزب «الوطن» السلفي، وخلفه في رئاسة الحزب الدكتور يونس مخيون، وحتى الآن فإن أسباب الخلاف داخل الحزب التي أدت إلى هذا الانقسام غير معروفة، ولكن السبب المعلن، وفق قادته، كان حول تطبيق اللائحة الداخلية للحزب، في شأن إجراء انتخابات في مناصبه القيادية، بعد مرور أكثر من عام على تأسيسه، وهو أمر رفضه عبدالغفور وأصر عليه جناح آخر، لكن تردد حينها على نطاق واسع، أن جماعة الإخوان دفعت في اتجاه انقسام الحزب لإضعاف السلفيين، خصوصاً أن عبد الغفور اقترب كثيراً من الإخوان أثناء توليه منصبه المهم في رئاسة الجمهورية أيام حكم مرسي، وهو أمر لم تستبعده قيادات في حزب النور.

اعتبر الحزب ثاني أكبر القوى الحزبية في مصر بعدما فاز بنحو 22 في المئة من مقاعد مجلس الشعب (108 مقاعد) الذي انتخب بعد الثورة وتم حله أثناء حكم المجلس العسكري، في أول انتخابات تشريعية يخوضها.

دعم حزب النور في انتخابات الرئاسة في العام 2012 الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح في الجولة الأولى من الانتخابات، وفي الجولة الثانية أيد مرسي في مواجهة شفيق. لكن ناشطين في الحزب أكدوا بعد الانتخابات أن غالبية أعضائه لم يلبوا دعوة تأييد أبو الفتوح في الجولة الأولى لعدم اقتناعهم به. وغالباً ما ينأى الحزب بنفسه عن أي تظاهرات، ويعزو قراره إلى أن الأجواء تشهد انقسامات، والنزول للشارع فيه أخطار. وهو ما دعاه إلى رفض المشاركة في تظاهرات 30 حزيران (يونيو) سواء المطالبة بإسقاط مرسي أو المؤيدة له، داعياً الطرفين إلى ضبط النفس، لكنه كان اعتبر أن شرعية مرسي «خط أحمر»، ودعا إلى استكمال مدته الرئاسية، ثم عاد وطالبه بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة في 2 تموز (يوليو) بعد أن تفجرت التظاهرات، وأيد خريطة الطريق وحضر أمينه العام جلال مرة اجتماع وزير الدفاع آنذاك الفريق أول عبد الفتاح السيسي مع القوى السياسية، الذي أعلن في أعقابه عزل مرسي عن الحكم.

شارك الحزب في لجنة الخمسين، وأيد دستور العام 2014 بعد نقاش ساخن داخل اللجنة حول بعض المواد الخلافية، ثم عاد في نهاية النقاش إلى الموافقة على الدستور.

بعض المؤيدين للسيسي ومعهم رافضون للتيار الإسلامي يحذرون من أن معركة الدولة المقبلة ستكون مع السلفيين عموماً وحزب النور خصوصاً، على أساس أن الحزب يسعى إلى تحقيق الأهداف نفسها التي سعى إليها الإخوان والجماعات والأحزاب الدينية الأخرى وإن اختلفت الآليات التي يستخدمها، لكن جناحاً في الدولة يعتقد أن وجود النور ضمن المشهد مفيد لأسباب عدة بينها استيعاب المرتبطين بالإسلام السياسي، خصوصاً إذا كان الحزب يطرح خطاباً سياسياً هادئاً بعيداً من الصخب، غير تصريحات بعض زعمائه في مسائل بعيدة من السياسة قد تشغل الناس والإعلام والغرب، ويعتقد هؤلاء أن فتاوى نائب رئيس الدعوة السلفية الدكتور ياسر برهامي المثيرة دائماً للجدل تشغل الناس كثيراً، وتبعدهم عن السياسة، وهذا مطلوب أحياناً، كما أنها مثيرة للسخرية في أحيان أخرى، وهو أمر يبعد الناس عن هموم المعاناة اليومية لأمور الحياة، وأن المناخ يكون أفضل كلما استمر برهامي في «الفتي».

التعليقات