كتاب 11

11:47 صباحًا EEST

رقصهن ثورة …وصوتهن انذار

رقصن في وضح النهار أمام اللجان على أنغام الجسمي وتسلم الأيادي وجاهرن بحب السيسي وفرحة وضجيجا بدوا وكأنهم غير معقولين أو أنهم قبل الأوان فتصدي لهم المجتمع ببعض الصمت وبعض النكات واستقبال بترقب وحذر للقبلات المجانية التي وزعت أمام لجان الاقتراع والتي تشابهت في كثير مع قبلات وداع الأمهات قبل الوفاة الخليجية في مطار القاهرة.

ان هذا المشهد حيرني كثيرا ولم أعلق لأنني لم أفهم، وعندما لا أفهم فأنا أفكر وأسأل وهذا ما حدث. فكرت في الموضوع وسألت كثيرين وكثيرات وجلست الى نفسي أقارب بين قطع “البزل” ووصلت الى بعض النتائج وهي كما يلي بدون تزيد أو فلسفة:

ان هذا المشهد حيرني كثيرا ولم أعلق لأنني لم أفهم، وعندما لا أفهم فأنا أفكر وأسأل وهذا ما حدث. فكرت في الموضوع وسألت كثيرين وكثيرات وجلست الى نفسي أقارب بين قطع “البزل” ووصلت الى بعض النتائج وهي كما يلي بدون تزيد أو فلسفة

1. كان للدعاية أثر في استقدام المشاركة النسائية للتصويت فالمرأة المصرية خبيرة في انتاج الضوضاء والانصات اليها تعرف كيف تستخرج منها وترسل عبرها الرسائل وفي تراث الشارع الشعبي والحارات ما يشي بالكثير من هذه الملكات، لكن هذه الدعاية والدعوات الموجهة الى النساء لم تبدأ بشكل جاد مع السيسي وحمدين انما كانت البداية الحقيقية في انتخابات الرئاسة الأولى للجمهورية المصرية الرابعة وكانت للحركة النسائية الاخوانية السبق في التعامل الفعال مع النساء ربما لأول مرة في تاريخ السياسة المصرية في العصر الحديث بعد ثورة 1919 وما أنتجته الدعاية الإعلامية في هذه الانتخابات تأثر بتراكم الدعايات المتتابعة.

2. اقبال النساء على التصويت كان كبيرا والضجة التي أثرنها كانت أكبر وقد كان باديا أنهن يستخدمن المناسبة من أجل الإعلان عن موقف أكثر من سعيهن للمشاركة فيها بل أنهن جعلن المشاركة في التصويت والتي كانت مشاركة شبه جهرية لصالح السيسي جعلنها جزء من طقوس اعلانهن الهام الجاد

3. النساء أعلن الثورة على مجتمعهن المصري بشكل جديد وسلمي وجاد جدا وفي نفس الوقت احتفلن بتكرار قدرتهن على استخدام السلاح الجديد الذي منحته الثورة لهن ولا يبدو أنهن سيتوقفن عن استخدامه أبدا كما احتفلن بالغيبوبة التي أصابت المسخ الوهابي و”العثمانلي” أثناء الإطاحة بحكم الاخوان واحتفلن بوجود مرشح للرئاسة لديه عروض للأمن الذي تحتفي به الأنثى طوال الوقت وفي أي مكان، وكما هي عادة هذا الشعب الذي تتوارد خواطره وتنتشر العدوى بين صفوفه بسرعة تشابهت الاحتفالات أمام اللجان وكأنها احتفالات منظمة تتولاها جهة وحيدة بيدها الأمر والنهي والتمويل ولولا بعض التفاوتات التي بدت فيها الفروقات الشخصية واضحة لشككت انها بالفعل منظمة من جهة ما وحيدة.

4. تفاصيل ثورة النساء ليست شديدة الوضوح وان كانت فعالياتها تشي مع التاريخ القريب بأنهن يثرن على قهر الرجل والفقر والجهل فهن على موقف معلن ضد التحرش وبذاءة الشوارع والذكورة الخصية المتمثلة في آذان لا تسمع

منهن جيدا وأياد لا تساعدهن الا بثمن وقلوب لا تتعاطف معهن الا داخل منظومة غرام أو حالة شفقة أو ردا لجميل الأمومة، النساء ثائرات على دين بلا عقل وعقل بلا دين يسلبان منهن حق الحركة العلنية والصوت والتمرس في صناعة القرار على المستوى الشخصي والمستوى العام وهما أيضا يغيران على انسانيتهن واستحقاقاتهن ويسعيان طوال الوقت لكي يجعلا منهن حيوانات مدربة كأمهات حينا ونكهات محسنة للحياة أحيانا أخرى.

5. رقصهن كان تحديا سافرا لرجولة الرجال وسطوتهم وطباعهم المحافظة الوقورة ذات الأوجه المتعددة على حسب اللزوم استلهاما لروح المصري الأمجد “السيد أحمد عبد الجواد ” كان رقصهن فخا وفير الألغام شربه ذكور الوطن وانفجر فيهم كأنهم بط مزارع سمكية، فقد أدركن بالتجربة ثقل وزنهن في المجتمع وقدرتهن على التغيير والضغط ولعب الشطرنج ولهذا لم يضيعن الفرصة ونصبن هذا الفخ اللطيف “مؤقتا”.

ربما يكون في النموذج الذي أتصوره بعض المبالغة لكنني لا أعتقد أنه خال من الصواب، النساء في مصر أطلقن نفير إنذار وأعلن الرفض الواضح للمعايير المتهالكة السائدة ومنحن أصواتا مرجحة للسيسي كواحد من الرجال أعلن صراحة وفي أكثر من مناسبة أنه يقف على قمة خندق النساء وأنه يرى فيه قادة ومحركين حقيقيين للمجتمع “وقد أصاب كما أعتقد أنا شخصيا”.

أدركت النساء أن المجتمع في حقيقته ليس ذكوريا كما يشاع بل “نسويا” بامتياز واحتكار وأدركن أنهن في ظل المنطق والقانون والدين لهن الكثير مما تغاضين عنه من قبل وأدركن أن الموضة السائدة في العالم هي دعم حقوق المرأة والأقليات “ماليا ودعائيا على الأقل” ولهذه الأسباب أعلن أنه لا تغاض بعد ذلك ولا تنازل وعلى المجتمع أن يراجع نفسه ويستقيم لصالح العدل حتى لا تدخل ثورتهن الى مرحلة مجهولة العواقب من الفعل والمواجهة لصالحهن وحدهن فهن لسن أقل نفوذا من الجيش والاخوان والحزب الوطني ولسن اقل لججا من المثقفين والمفكرين ولسن أقل عطاء من رعاة الخير الدعاة الى طريق الله الحقيقي فهن في النهاية من ربى وعلم ولديه منابع كل شيء وربما يكون في ذلك بشرة خير.

التعليقات