مصر الكبرى

02:51 مساءً EET

ضبط واحضار الجمل والمدرعة

 
كنت قد نويت أن أكتب هذا الأسبوع عن الذكرى السنوية الأولى لمقتل المتظاهرين المصريين في ماسبيرو، الا أن غصة انتابتني عندما قرأت أن موقعة الجمل كانت صرحا من خيال فهوى وأن كل المتهمين فيها براءة. ووجدت أن الكتابة عن الدماء التي سفكت على الأرض أمام مبنى التدليس الضخم المسمى ماسبيرو ما هي الا احدى حلقات مسلسل الدم الرخيص الذي تشهده مصر منذ عامين كاملين.

لم يكتف التليفزيون المصري بتلفيق الأخبار وأن يذيع على الهواء في ليلة الأحد المشئومة تلك أن متظاهرين أقباط يقتلون أفراد الجيش المصري وظهرت علينا الأخت المذيعة لتستنصر الشعب ضد الأقباط وتطلب من الناس أن ياتوا مسلحين الى محيط التليفزيون لحماية القوات المسلحة من المتظاهرين الذين أوسعوهم ضربا وتقتيلا.بعد ذلك بيومين ثلاثة خرج علينا قادة المجلس العسكري في مؤتمر صحفي وقالوا لنا أن هناك ضحايا من قوات الجيش لكنهم لن يعلنوا عنهم لأنه عيب وسيهدم الروح المعنوية لجنودنا. وكأنما لم تهدم الروح المعنوية لشعب بأكمله رؤية الجثث المهروسة تحت جنازير المدرعات ومشهد العروس التي جلست تنتحب جوار جثة خطيبها وهي تحتضن يده في المشرحة وهي غير مصدقة لما يحدث.اذن من المسئول عن مذبحة ماسبيرو؟ كيف نحيل الأمر للقضاء العسكري وفيه الخصم والحكم؟ هل تعد المدرعة اياها والتي رأيناها على شاشا التليفزيون تطارد الناس مسولة عن الحدث؟هل يستصدر السيد النائب العام- ان بقى في منصبه أو الجديد- أمر ضبط واحضار للمدرعة باعتبار انها الشيء الوحيد المؤكد والمسجل صوت وصورة وهو يغتال المتظاهرين.كذلك الجمل …نعم الجمل الذي رأيناه في بث مباشر من ميدان التحرير هو ورفاقه من الجياد الذين اقتحموا الميدان ودهسوا الناس وقتلوهم تقتيلا. هل نجد من يأمر بتتبع الجمل واعتقاله حتى يجد أهالي الضحايا والمصابين فاعلا غدارا اختطف أنفاس اولادهم؟ هل يقتص لنا ولي الأمر من الجمل الغادر الذي قتل شباب مصر؟وبتتبع هذا المنحى في توقيف من هم مسئولين عن دماء المصريين فلابد من اصدار امر ضبط واحضار محمد محمود باشا باعتباره مسئولا عن الأحداث التي شهدتها مصر في نوفمبر الماضي. ولأنه متوفى منذ عام 1941 فسوف يكون من السهل ادانته والصاق تهم اطلاق الخرطوش على أعين وأطراف المتظاهرين خاصة وأنه من المعروف أن الرجل كان شديد البأس ووزيرا للداخلية صلب المراس. ونحاكم كرة القدم التي كان يلعب بها المعتصمون أمام مجلس الوزراء في ديسمبر والتي أدى سقوطها داخل اسوار المبنى الى الاشتباكات العنيفة التي عرفت باسم مواجهات قصر العيني وراح ضحيتها العشرات الذين لم يقتص لهم حتى هذه اللحظة. ثم نحاكم ستاد بورسعيد لان ارضه قد شهدت اغتيال 74 شاب مصري كانت جريرتهم ان تجمعوا في مدرجاته لمتابعة مباراة كرة قدم.أي تهريج وأي دماء رخيصة تلك التي سفكت على أرض مصر منذ ظهر الخامس والعشرين من يناير عام 2011. من قتل المصريين ومن أجج العنف في شوارع المدن المصرية. أقنع الاعلام البسطاء بأن من قتلوا يوم جمعة الغضب بلطجية حاولوا اقتحام الأقسام واشعلوا النيران بها. أما من قتلوا في السويس فهم مسجلين خطر. ومن قتلوا أو أصيبوا عند مسرح البالون أدعياء أرادوا ان ينتحلوا صفة أسر الشهداء من أجل قبض التعويض.أما شهداء ماسبيرو فهم الأقباط عملاء أمريكا الذين أرادوا تهديد جيش مصر الباسل واقتحام التليفزيون المصري صوت الحق في زمن الباطل. ومن ماتوا في محمد محمود بلطجية أرادوا اقتحام الداخلية والمعتصمون بمجلس الوزراء (عيال صيع) أرادوا منع سيادة رئيس الوزراء من دخول مكتبه.ثم كانت الكذبة الكبرى التي شربناها عامين بأن ادانة هؤلاء عن طريق المحاكم الطبيعية ستجعلنا نسترد أموالنا المنهوبة وان أية محاكمات ثورية تعني معاقبة النظام الثوري الجديد وأن تبدو مصر بمظهر اللا دولة أمام العالم. وبعد أن سكتنا على حقوقنا وكظمنا غيظنا عامين يبدأ مهرجان البراءة للجميع.نال جميع الضباط حكما بالبراءة في قضايا قتل المتظاهرين بل وحصل معظمهم على ترقيات في المحافظات نفسها التي قتلوا بها الناس. خرج علينا من يقول بأن لا قناصة في الداخلية ولا خرطوش يضرب على الناس.كانت الواقعة الوحيدة التي لم يشكك بحدوثها أحد هي موقعة الجمل. كنا نحكي عنها في المحاضرات والاعلام والأفلام الوثائقية وأرشيف الثورة باعتبارها 36 ساعة من الصمود تحكي بطولات المتظاهرين الأبطال خليط من العامة والالتراس وشباب الاخوان الذين حشدتهم دعوة بدأت عبر احدث وسائل الاتصال يواجهون هجمة جاهلية رجعية بالجياد والجمال مدافعين عن حلمهم. يخرج علينا هؤلاء اليوم ليقولوا بأن يوم الجمل كان سرابا وأنه مصر يمكن مفيهاش جمال اصلا.نريد حق الدم.. نطلب القصاص.. ان كان هؤلاء لم يفعلوها فمن فعلها. مئات المصرينن قتلوا والآلاف قد أصيبوا فمن الجاني؟ تلك مهمة القضاء وليست مهمتنا. أحلتم قيادات الوطني للمحاكمة وقلتم لنا أنهم المتهمون. بأي أدلة أحلتموهم وبأي حيثية برأتموهم.اكتب مقالي هذا والمتظاهرون مشتبكين بالتحرير. اصابات جاوزت العشرين وقد يسقط قتلى اليوم وأرجو ان أكون مخطئة… أعداد جديدة تضاف الى القتلى والمصابين وسوف تقيد ضد مجهول. ان التهدئة من روع الجماهير قد تبدأ بورقة صغيرة يأمر فيها النائب العام الجديد بضبط واحضار الجمل والمدرعة والبالون ومحمد باشا محمود ومحاصرة ستاد بورسعيد. لم نعد واثقين من أي شيء ولم نعد نعرف أين الحقيقة. نريد قصاصا لأبنائنا ومن أفرج عن المتهمين ليأت بغيرهم ويتقي الله في الأمهات المكلومة والزوجات الأرامل والأبناء اليتامى.من قتل المصريين ؟
 

التعليقات