مصر الكبرى

08:19 صباحًا EET

مي سعيد.. عندما ينتقم الخالق من امريكا

تابعت بكل أسى واندهاش تعليقات المحترمين محترفي السياسة والاعلام الذين يدعون ظلما بالشيوخ والمشيخة منهم براء وهم يستمطرون اللعنات و يطلبون من الله أن يخسف الأرض بالأمريكان وأن يتطور الاعصار الذي يهاجم ساحلهم الشرقي حتى يقضي تماما على نيويورك عاصمة الكفر والمجون ويا حبذا لو يسوي امريكا كلها بالارض.

ظل هؤلاء ينعقون وأصواتهم تفيض بالكراهية والتشفي والشماتة قبل أن يهب الإعصار وإلى حين اعلان الطواريء في تسع ولايات أمريكية. تنوعت الأسباب التي راى المنافقون بسببها أسباب التشفي في أمريكا. فمنهم من قال بانها عاصمة الكفر والمجون وآخرون رأوا ان الأمريكان قد احتلوا أراض عربية وقتلوا مسلمين كثر وساندوا اسرائيل لذا استحقوا هذا العذاب. وجاءت مجموعة منهم لتقول بأن هذا الاعصار هو العقاب المباشر للامريكان على تطاولهم على الرسول صلى الله عليه وسلم بالاشارة الى ازمة الفيلكم المسيء القريبة.
ثم ظهرت صورة لشابة مصرية في مقتبل العمر، تدرس لدكتوراه القانون الدولي في امريكا وهي ام لطفل عمره أشهر قليلة، وشعرت بقبضة تعتصر قلبي عندما سمعت أن تلك الصغيرة التي أوقن بانها كانت قرة عين اهلها قد قتلت على يد ريح ساندي وهي في زيارة دراسة وعمل لأرض الشيطان الأكبر. وسألت نفسي عن رأي المشايخ المحترمين في هذا العقاب الذي يتم الطفل الرضيع واعتصر قلب والدي هذه الشابة الصغيرة.
يا الله.. ألا ترى بلادنا الكوارث والمهالك.. ألا تذكرون سيول جدة وصعيد مصر وجنوب سيناء.. ماذا عن موجات تسونامي التي غالبا ما تستهدف سواحل اندونسيا وماليزيا وبروناي والمالديف وحتى سلطنة عمان.. ألم يسمع هؤلاء عن الزلازل التي تقض مضاجع الأتراك كل بضعة أشهر.. ماذا عن موجة الجليد التي ضربت الجزائر الشتاء الماضي.. ألا تغرق بنجلاديش في الفيضانات معظم اوقات السنة.. ألم يغرق الباكستانيون حتى أذنيهم في فيضانات عنيفة منذ سنوات قليلة .. ألا يعد فقر بلادنا اصلا كارثة تمثل عقابا من الله اذا ما اتبعنا هذا المنهج في التفكير.لكني والحق يقال وجدت بصيص أمل على صفحات التواصل الاجتماعي خففت عني مرارة الانصات لنعيق البوم الشامت الجاهل هذا. وجدت عددا من الشباب المصريين في النصف الاول من عقد العشرينيات بعضهم من تلامذتي وآخرين لا اعرفهم وجدتهم يتناقشون حول التعريف العلمي للاعصار واختلافه عن الظواهر المناخية العنيفة الاخرى مثل الزوابع والسيول والفيضانات والتسونامي والعواصف بأنواعها. ثم وجدت مجموعة اخرى من الشباب والبنات يتناقشون حول تعامل ادارة اوباما مع الازمة وكيف انها ستكون آخر ورقة اختبار كفيلة بحسم الأصوات المتأرجحة مع أو ضد الرئيس الديمقراطي في الانتخابات الأسبوع المقبل خاصة اذا ما قارنها الناخب بتعامل ادارة بوش الجمهورية مع اعصار كاترينا. أما البقية من هؤلاء الذين أثلجوا صدري فهم من كانوا يتناقشون حول اجراءات احتواء الازمة وكيف اتخذت الادارة الامريكية اجراءات الحماية والطواريء في وجه الاعصار الغاشم. وقلت لنفسي والله ان مصر لولادة وان الطبل الاجوف بالتأكيد يصدر اصواتا اعلى.
كيف يمكن لبشري الا يرى في كارثة كهذه لحظة لتامل عجائب الله في خلقه والدعاء اليه بأن يرأف بخلقه سبحانه وتعالى وان يخفف وطأة الدمار والخراب على بني البشر. انه الاسلام أيها المغيبون الاسلام الذي انذر امراة بانها ستدخل النار في قطة حبستها وجوعتها… انه رسول الاسلام الذي نهض واقفا تكريما واحتراما عندما مرت جنازة اليهودي. النبي صلى الله عليه وسلم الذي عفا عن اهل قريش ممن عذبوه وطردوه واهانوه. الى أي دين تنتسبون وأي اسلام تدعون.
أقسم أنني قابلت استاذ يهودي بجامعة بريطانية كبرى أثناء تعرض اليابان لموجات تسونامي الهادرة في عام 2011 وقال لي وهو يشاهد الدمار الذي حاق بها على شاشة الكمبيوتر في مكتبه: في لحظات كهذه لا يمكن للمرء سوى أن يتذكر انه حتى اليابان لا تستطيع الصمود في وجه الخالق وأصبح لزاما عليهم أن يتضرعوا الى الله من أجل النجاة. وقال لي الرجل انه سيصلي من اجل كل حي في اليابان من الناس وحتى الأسماك التي تضررت من تسرب الاشعاعات النووية.  أصبحت على يقين لا يتزعزع ان هؤلاء المتجهمين الشامتين الحاقدين ماهم الا – عن عمد اوجهل- معاول هدم تستخدم للاساءة لدين الحق ونبي الاسلام. هؤلاء الذين يقدمون على طبق من ذهب كل سبب لكراهية الاسلام والاساءة اليه في العالم بان يقدوه بهذا المظهر الشامت المتشفي الذي نعلم نحن عن يقين بانه ليس من الاسلام في شيء.
وأضم صوتي لصوت احد الناشطين الالكترونيين المصريين الذي قال ساخرا ان الله سبحانه وتعالى ينتقم من الامريكان على فعلتهم الأبشع هذا العام وهي تمكين المتطرفين من حكم مصر وكتابة دستورها وانه من هذه الزاوية فقط قد يقبل بنظرية استحقاق امريكا للعقاب.رحمك الله يا مي ومنح ذويك الصبر على فراقك ورحم كل روح بشرية او غيرها قدر لها سبحانه ان تكون ضحية لهذا الاعصار العنيف. ومازلت أنا على اخلاق الاسلام الكريمة لذا اتمنى السلامة لكل حي وجماد على سطح الأرض وأصلي لله ان يخفف وطأة ابتلائه عن عباده.. وحسبنا الله ونعم الوكيل في أتباع أبي جهل.

التعليقات