كتاب 11

10:27 مساءً EET

تركيا لأميركا في حربها على داعش : ماحنا دافنينه سوا !!

عندما تقدمت الحكومة التركية للبرلمان بطلب التفويض باستخدام الجيش خارج الحدود والسماح باستضافة قوات أجنبية في القواعد العسكرية التركية، كانت حكومة أحمد داود أوغلو تعلن رسميا الحرب على سوريا وعلى نظام بشار الأسد . فالتفاصيل التي وردت في مذكرة التفويض تقول بوضوح أن الجيش التركي سيحارب الفصائل الإرهابية بالإضافة الى بشار الأسد . ولم يتردد الرئيس رجب طيب أردوغان بالقول صراحة في كلمته في افتتاح الدورة البرلمانية الجديدة أن أولوية بلاده هي اسقاط نظام الأسد . صحيح أن الجميع يعرف أن تركيا تسعى لهذا الهدف منذ ثلاث سنوات ، لكنها كانت تسعى اليه بطرق غير مباشرة من خلال دعم المعارضة السياسية والمسلحة ، فيما تعلن دبلوماسيا أنها تؤيد الحل السياسي في سوريا ، لكن بعد الأول من أكتوبر أصبح الامر علنا ورسميا وما عاد يمكن الحديث بعد الان في تركيا عن حل سياسي أو وسط في سوريا . الأهم أن هذا الهدف ذو السقف المرتفع جاء ردا على طلب واشنطن من تركيا الانضمام بقوة الى التحالف الدولي الذي أعلن الحرب على داعش في سوريا والعراق ، حيث أكد أردوغان أن بلاده لن تقدم دعما فاعلا للتحالف الا اذا اتفق التحالف أولا على اسقاط حكم الأسد ، وأكد أنه بدون دعم تركيا فإن جميع جهود التحالف وقصفه الجوي ضد أهداف داعش على الأرض لن تأتي بنتيجة . هذه الصورة تطرح تساؤلين هامين ، الأول : كيف تتجرأ أنقرة وتفرض شروطا على حليفتها الأكبر واشنطن خصوصا فيما يتعلق بأمر مكافحة الإرهاب ، وهو أرهاب يهدد حدود تركيا أكثر مما يهدد القارة الأميركية التي تبعد آلاف الكيلومترات عن سوريا ، أليس المنطقي أن تطلب أنقرة وترجو وأن تتعزز واشنطن وتتشرط وليس العكس؟ . ثانيا : كيف تبدو واشنطن جادة للغاية في الحرب على داعش لدرجة حشد الدول وصرف الأموال وإقناع الكونجرس ،فيما لا تمارس أي ضغط يذكر على تركيا لتنضم الى التحالف بشكل جدي وهي تعلم أنه بدون دعم تركيا اللوجستي فإن أربعين دولة لن تقضي على داعش من الجو ؟ الحقيقة هي أن أنقرة تختبر نوايا واشنطن وتحاول احراجها لأنها تعرف أنها غير جادة في حملتها الحالية التي يقول المسؤولون الاميركان انها ستستغرق أكثر من 3 سنوات ، أي أن أوباما سيغادر البيت الأبيض دون أن يضع نهاية لهذه الحرب أو تصورا لما ستؤول اليه ، وسيترك ذلك للرئيس الذي يخلفه ، وهو تصرف ليس بغريب عن رئيس أمضى ستة أعوام من سنوات حكمه في التردد والانكفاء على الذات والابتعاد عن التدخل في أي شأن من شؤون الشرق الأوسط . كما أنه لم يعد سرا أنه بعد أن فشل الجيش السوري الحر في أن يكون ندا للجيش السوري يجبر الأسد على قبول تسوية سياسية، لجأت قطر وتركيا وأميركا لدعم المقاتلين في سوريا بالسلاح والرجال من ليبيا ، فظهرت حينها جبهة النصرة ومن رحمها ولدت داعش ، وإن كانت واشنطن اعترضت على النصرة ومشاركة مقاتلين أجانب في الحرب ، الا انها لم تحرك ساكنا حينها لأنها كانت تستمتع وهي ترى المتطرفين يهرولون الى سوريا من كل انحاء الأرض ليقاتلوا ايران وحزب الله ، فاكتفت واشنطن بابداء اعتراضها لأنقرة لكنها أغمضت عينيها عما حصل في تواطئ واضح واستخفت بقوة داعش – كما اعترف أوباما مؤخرا – حتى وقعت الفأس في رأس الصحفي الأميركي فولي ، وأنقرة تعلم أن كل ما ابدته واشنطن من تمنع كان يخفي رغبة سرية في استمرار الوضع على ما هو عليه . لذا فإنه عندما تعلن واشنطن الحرب على داعش فإن أفضل من يختبر ارادتها ونواياها هو حليفها الذي طبخ معها الطبخة من أول يوم ، ولا يريد أن يجلي الصحون وحده بعد أن يقوم شريكه عن الطاولة بعد أن يشبع . وعليه فإنه حتى لو كانت الشروط التركية بالاطاحة بالاسد كثمن للمشاركة الفعلية في الحرب على داعش حقيقية وليست تعجيزية من أجل الإفلات من الضغوط الأميركية التي مازالت خجولة حتى الان ، فإن الرد التركي على واشنطن حتى الان لا يتجاوز التعليق بالقول : ما حنا دافنينه سوا !!!!

التعليقات